كما ذكرنا فى دعاء القنوت، القنوت هو اسمٌ للدعاء في الصلاة في محلٍّ مخصوص من القيام. يمكنك زيارة الادعية التي تقال عند القنوت.
البعض لا يسلم من أخطاء يرتكبها أثناء صلاته، ومن هذه الأخطاء ما هو متعلق بقنوت الوتر في صلاة التراويح، الأمر الذي يوجب التنبيه عليها؛ لكثرة الوقوع فيها، وقلة المنبهين عليها، حتى أصبحت تلك الأخطاء سنة متبعة، مع أنها مما لا أعلم فيه خلافا بين السلف في النهي عنه وكراهته، أما ما فيه خلاف قديم؛ مثل: كون دعاء القنوت في رمضان كله أم في النصف الأخير منه، وهل يكون قبل الركوع أم بعده، ونحو هذا.
أخطاء دعوات القنوت
فمن هذه الاخطاء تلك التنبيهات التي يجب علمها (المصدر، المصدر):
1- الدعاء بلفظ الجمع عند الجماعة
إن كان المُصلِّي إماماً، فيَذكر دعاء القنوت بلفظ الجمع، فيقول: "اللهم اهدِنا، وعافنا، وتولَّنا، وبارِك لنا، وقِنا"، ولا يخص نفسه بالدعاء، فيقول: "اللهم اهدني، وعافني، وتولَّني"، إلى آخره؛ أفاده الإمام البغوي في "شَرْح السُّنة".
2- الدعاء المناسب
كان الصحابة يزيدون على دعاء القنوت في النصف الثاني من رمضان: "اللهم قاتِل الكفرة الذين يصدُّون عن سبيلك، ويُكذبون رُسلك، ولا يؤمنون بوعْدك، وخالِف بين كلمتهم، وألْقِ في قلوبهم الرعب، وألْقِ عليهم رِجْزك وعذابك إله الحقِّ".
وقد يحصل مناسبة عارضة، فيدعو لها الداعي بما يُناسبها، دون أن يجعله راتبًا لا يَحيد عنه بحال، ومن ذلك دعاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وهو: "اللهم إنا نَستعينك ونَستغفرك، ولا نَكفرك، ونؤمن بك، ونَخلع مَن يَفجرك، اللهم إيَّاك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإيَّاك نسعى ونحفِد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إنَّ عذابك الجِد بالكفار مُلْحِق".
3- الصلاة على النبي
تُشرَع الصلاة على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في القنوت، وهذا ثابتٌ عن بعض صحابة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقد أخرَج ابن خُزيمة في صحيحه عن عُروة بن الزبير أنه ذكَر إمامةَ أُبيِّ بن كعب الناسَ في صلاة التراويح في عهد عمر - رضي الله عنه - وفيه: وكانوا يَلعنون الكفرة في النصف، يقولون: "اللهم قاتِل الكفرة الذين يصُدُّون عن سبيلك، ويكذبون رُسلك، ولا يؤمنون بوعْدك، وخالِف بين كلمتهم، وألْقِ في قلوبهم الرعب، وألقِ عليهم رِجْزك وعذابك إله الحقِّ"، ثم يصلي على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويدعو للمسلمين بما استطاعَ من خيرٍ، ثم يستغفر للمؤمنين، قال: وكان يقول إذا فرَغ من لعنة الكفرة وصلاته على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - واستغفاره للمؤمنين والمؤمنات ومسألته: "اللهم إيَّاك نعبد، ولك نُصلي ونسجد، وإليك نسعى ونَحفد، ونرجو رحمتك ربَّنا، ونخاف عذابك الجِدَّ، إنَّ عذابك لِمَن عادَيْتَ مُلحِق"، ثم يُكبِّر، ويهوي ساجداً.
شاهد أيضاً: أدعية الوضوء الصحيحة من القرآن والسنة
4- عدم الالتزام بالمأثور عن النبي
عدم الالتزام بالمأثور عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - والمأثور في دعاء القنوت كما مرَّ بنا: "اللهم اهدني فيمَن هَدَيْت، وعافني فيمن عافَيْتَ، وتولَّنِي فيمَن تولَّيْتَ، وبارِك لي فيما أعطَيْتَ، وقِني شرَّ ما قضَيْتَ، فإنَّك تقضي ولا يُقْضى عليك، وإنه لا يَذِل من والَيْتَ، ولا يَعِز من عادَيْتَ، تبارَكت ربَّنا وتعالَيْتَ، لا مَنجا منك إلا إليك".
لكن أحدَث بعض الأئمة زيادات على المأثور، وواظبوا عليها، حتى توهَّم العوام أنها راتبة من السُّنة كقولهم: "اللهم يا واصِل المنقطعين أوصِلنا إليك، اللهم هبْ لنا عملاً صالحًا يقرِّبنا إليك"، وقولهم: "فلك الحمد على ما قضَيْتَ، ولك الشكر على ما أنْعَمْتَ به علينا وأوْلَيْتَ"؛ أي: إنها ليس لها أصْلٌ في السُّنة، ولَم تكن من هَدْي النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وعلى الرغم من ذلك، فإنها من الألفاظ الشائعة في دعاء القنوت.
5- القنوت لا يَختص بشهر معين
إنَّ القنوت لا يَختص بشهر معين في السنة، بل هو مشروع في السنة كلها، وإن كان له حالة خاصة في شهر رمضان؛ فذلك لأن شهر رمضان له خاصيَّة ليستْ لبقيَّة الشهور، ومع ذلك فالقنوت لا يختص بشهر رمضان وحْده.
6- القنوت في الوتر
القنوت في الوتر يكون قبل الركوع على الراجح؛ فلقد ثبَت في الحديث الذي أخرَجه أبو داود والنسائي عن أُبي بن كعب - رضي الله عنه - "أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يَقنُت قبل الركوع"؛ صحَّحه الألباني في الإرواء. بل ولقد ثبَت أيضًا: أنه علَّمه للحسن أن يقوله إذا فرَغ من قراءته قبل الركوع، والله أعلم.
7- القنوت بعد الركوع
فإنه يكون في قنوت النوازل؛ فقد أخرَج البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: "أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان إذا أرادَ أن يدعوَ على أحدٍ أو يدعو لأحدٍ، قنَت بعد الركوع".
قال الحافظ في "الفتح" (2/ 569): "ومجموع ما جاء عن أنس من ذلك أنَّ القنوت لحاجة (يعني نازلة) بعد الركوع، لا خلافَ عنه في ذلك، وأمَّا لغير الحاجة، فالصحيح عنه أنه قبل الركوع، وقد اختلَف عمل الصحابة في ذلك، والظاهر أنه من الاختلاف المباح"؛ ا.هـ.
8- قول بعضهم: (أشهد) (حقًّا) (يا ألله)
إذا اشتمَل الدعاء على طلب وثناءٍ، فالصحيح أنه يؤمِّن في الطلب، أمَّا في الثناء، فليس فيه تأمين. فمثلاً: إذا قال الإمام: "إنه لا يَعِزُّ من عادَيْتَ، ولا يَذِلُّ من والَيْتَ"، فيَسْكت المأموم، ولا يُؤمِّن، وعلى هذا فمِن الأخطاء الشائعة قولهم عند قوله: "إنَّك تقضي بالحقِّ ولا يُقضى عليك"، فيقولون: (أشهد) (حقًّا)، فكل هذا خطأ لا أساسَ له في السُّنة؛ "تمام المنَّة"؛ للشيخ عادل العزازي - حَفِظه الله.
قال الشقيري - رحمه الله -: وقولهم: (حقًّا، حقًّا) أثناء قراءة الإمام للقنوت بدعة، إن لَم تكن مُفسدة للصلاة، فأقل أحوالها الكراهة؛ "السُّنن والمبتدعات". فذلك لَم يكن من هدي النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولا من هدي أصحابه - رضي الله عنهم.
شاهد أيضاً: أفضل أدعية الوتر والقنوت بالوتر
9- التغنِّي في الدعاء
لَم يُنقل عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولا عن أحدٍ من أصحابه - رضي الله عنهم - فيما عَلِمتُ التغنِّي بالدعاء، لا في القنوت ولا في غيره، فأخشى أن يكون ما استحسَنه أكثر الأئمة في هذه الأيام مُحدثًا؛ صحيح فقه السُّنة.
10- الاعتداء في الدعاء
فهناك من الأئمة مَن يتكلَّف، عن طريق انتقاء أدعية فيها تمطيط، وتطريب، وتلحين، وذِكر أمور تفصيليَّة من أحوال الموت، والبعث والنشور؛ لتحريك عواطف المأمومين، وإزعاج جوارحهم، وانفجارهم في البكاء، والشهيق، والصراخ والعويل، وارتفاع الأصوات بالعويل والضجيج، وهذا كله من الاعتداء في الدعاء، وهذا مُخالف لقول ربِّ العالمين: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [الأعراف: 55].
11- المبالغة في الجهر بالتأمين
المبالغة في الجهر بالتأمين، والصِّياح به بصرخات حماسيَّة تُشبه الهتافات: وهذا من المنكرات والبِدَع المُحدثة.
12- المخالفة عند الدعاء في النوازل
بعض الأئمة والدُّعاة إذا أرادَ أن يَقنُت عند الحوادث والنوازل؛ فإنه يدعو بدعاء الحسن بن علي - رضي الله عنهما -: "اللهم اهدني فيمن هَدِيت، وعافني فيمن عافَيْتَ".
13- التطويل الزائد في دعاء القنوت
وهذا من جملة المخالفات؛ لأنه قد يُسبِّب بذلك المَلل والسآمة لمَن يُصلي خلفه، بل إنَّ هذا لَم يكن من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنَّ ما ثبَت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من تعليمه الحسن دعاءَ القنوت في الوتر يَسيرٌ لا طولَ فيه.
14- المحامد الطويلة
فالبعض يستفتح في دعاء القنوت في الوتر ببعض المحامد الطويلة، ويتمادَى في ذِكرها بأسلوب يخرج به عن الأسلوب الإنشائي الطلبي المناسب لمقام الدعاء إلى الأسلوب الخبري المناسب لمقام الوعظ والترغيب والترهيب. الأمر الذي جعَل البعض يخشى بُطلان الصلاة؛ لاحتمال أن يكونَ له حُكم الكلام المتعمَّد الذي لا يُشرع في الصلاة.
15- الإنكار على مَن يرفع يديه في الدعاء:
ومن الناس من إذا رأى مَن يصلي بجواره يرفع يديه في الدعاء في قنوت الوتر، فإنه يُنكر عليه وهذا خطأ؛ لأنه عندما رفَع يديه في الدعاء فقد أصاب السُّنة؛ قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله: "والصحيح أنه يرفع يديه؛ لأن ذلك صحَّ عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه؛ البيهقي.
16- مَسْح الوجه بعد الدعاء
وتلك عادة منتشرة بين أكثر الناس، وليس لها أصلٌ من السُّنة، بل هي مخالفة لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الشيخ الألباني - رحمه الله -: وأما مَسْحُ الوجه بهما، فلم يَرِد في هذا الموطن، فهو بدعة، وأما خارج الصلاة، فلم يَصِح، وكل ما رُوِي في ذلك ضعيف، وبعضه أشدُّ ضَعْفًا من بعض؛ كما حقَّقته في "ضعيف أبي داود" (262)، و"الأحاديث الصحيحة" (597)؛ ولذلك قال العز بن عبدالسلام - رحمه الله - في بعض فتاويه:
17- المبالغة في رفع الصوت بالبكاء
ينبغي للإمام إذا تأثر بالقرآن أو بالدعاء أن يدافع البكاء، فلم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يبكي في الصلاة بصوت عال ليبكي من خلفه؛ كما يفعله بعض الأئمة اليوم- هداهم الله- فيستدعون ببكائهم بكاء غيرهم، ناهيك أنهم يبكون بنحيب وعويل وشهيق، بل كان صلى الله عليه وسلم يكتم بكاءه في صدره؛ حتى يصبح له أزيز كأزيز المرجل- أي: كغلي القدر-؛ قال ابن القيم رحمه الله عن هديه صلى الله عليه وسلم في البكاء: (وأما بكاؤه صلى الله عليه وسلم فكان من جنس ضحكه؛ لم يكن بشهيق ورفع صوت)، ولم يشعر ابن مسعود رضي الله عنه ببكاء النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ عليه طرفا من سورة النساء، إلا بعد أن نظر إليه، فوجد عينيه تذرفان، والقصة في صحيح البخاري؛ فمدافعة البكاء اتباع للسنة، ومدعاة للإخلاص.
شاهد أيضاً: صلاة الوتر: الوقت وعدد الركعات والصفتان