إذا ندم المسلم على فعل المعصية بإخلاص وأقلع عنها وعزم على أن لا يعود إليها فقد تمت توبته من الذنوب التي لا تتعلق بحق المخلوقين وعليه أن يكثر من الاستغفار من الذنوب جملة وتفصيلا ويكثر من فعل الحسنات كنوافل الصلاة والصوم والصدقة وغيرها لعل الله تعالى يكفر بها عنه الخطايا قال سبحانه: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ {هود: 114 } وفي الحديث: وأتبع السيئة الحسنة تمحها. (رواه أحمد والترمذي)، وقد عد بعض أهل العلم التلفظ بالاستغفار من شروط التوبة. (المصدر).
الفرق بين الاستغفار والتوبة
كثيرًا ما يقرن الاستغفار بذكر التوبة فيكون الاستغفار حينئذ عبارة عن طلب المغفرة باللسان، والتوبة عبارة عن الإقلاع عن الذنوب بالقلب والجوارح، وحكم الاستغفار كحكم الدعاء، إن شاء الله أجابه وغفر لصاحبه لاسيما إذا خرج من قلب منكسر بالذنوب، أو صادف ساعة من ساعات الإجابة كالأسحار وأدبار الصلوات، وأفضل الاستغفار أن يبدأ بالثناء على ربه، ثم يثني بالاعتراف بذنبه، ثم يسأل ربه بعد ذلك المغفرة.(المصدر).
- التوبة: الندم على الماضي والإقلاع منه والعزيمة أن لا يعود فيه، هذه يقال لها توبة.
- الاستغفار: فقد يكون توبة وقد يكون مجرد كلام، يقول: اللهم اغفر لي، أستغفر الله، لا يكون توبة، إلا إذا كان معه ندم وإقلاع عن المعصية، وعزم أن لا يعود فيها، فهذا يسمى توبة ويسمى استغفارًا، فالاستغفار النافع المثمر هو الذي يكون معه الندم والإقلاع من المعصية والعزم الصادق أن لا يعود فيها، هذا يسمى استغفار ويسمى توبة
صلاة التوبة
صلاة التوبة هي ركعتان يصليهما المسلم إذا أذنب ذنبا يقدم فيهما التوبة إلى الله تعا لللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله وأوله وآخره وعلانيته وسره. (المصدر).
ويمكن أن تذكر أدعية الاستغفار فى صلاة التوبة لا الاستغفار هو طلب المغفرة، والمغفرة هي وقاية شر الذنوب مع سترها، أي أن الله عز وجل يستر على العبد فلا يفضحه في الدنيا ويستر عليه في الآخرة فلا يفضحه في عرصاتها ويمحو عنه عقوبة ذنوبه بفضله ورحمته.
وقد كثر ذكر الاستغفار في القرآن، فتارة يؤمر به كقوله تعالى (وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (المزمل/20) وتارة يمدح أهله كقوله تعالى: (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ) (آل عمران/17)، وتارة يذكر الله عز وجل أنه يغفر لمن استغفره كقوله تعالى: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً) (النساء/110).
أدعية الاستغفار والتوبة
وقد ورد في حديث أنس أهم الأسباب التي يغفر الله عز وجل بها الذنوب، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال الله تعالى: " يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئـًا لأتيتك بقرابها مغفرة "(رواه الترمذي). إليك أدعية الإستغفار (المصدر, المصدر):
- اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني، وأنا عبدك، وأنا على عهدك، ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.
- اللهم إني ظلمت نفسي ظلمـًا كثيرًا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم "(رواه مسلم).
- أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه.
- رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور.
فضل التوبة والإستغفار
فقد وصف ربّنا نفسه بصيغة المبالغة الحقيقية المطابقة والمتضمنة لأسمائه وصفاته لا المجازية بالغفار - الغفور - الرحمن - الرحيم - الحليم - التواب - غافر الذنب وقابل التوب ذي الطول... ليبن لك جلالة قدر من انطرح إليه متذللا منكسرا بين يدي مغفرته، وأنّه يريد ذلك سبحانه من عباده ويحبه. ومن فوائد التوبة والإستغفار الآتي:
- وقال صلى الله عليه وسلم: (من قال أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، غفر الله له وإن كان فر من الزحف).
- أمر الله سبحانه بالتوبة فقال: "وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [النور: 31].
- الوعد بقبول التوبة، فقال: " وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ " [الشورى: 25].
- قال تعالى: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" [الزمر: 53].
- فمن تاب واستغفر تاب الله عليه؛ قال تعالى: "وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ" [آل عمران: 153] .
- وقد أثنى الله على عباده المتقين المداومين على الاستغفار، فقال تعالى: "الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ" [آل عمران: 16، 17] .
- والتائب من ذنبه محل رعاية الله وأهلٌ لحفظه ورحمته، يغدق عليه من بركاته، ويمتعه بسعة الرزق ورغد العيش في الدنيا، وينعم عليه بالثواب العظيم والنعيم المقيم في الآخرة؛ قال تعالى في ثواب التائبين إليه: " أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ " [آل عمران: 136] .
- ثم إن الاستغفار مع الإقلاع عن الذنوب سبب للخصب والنماء، وكثرة النسل وزيادة العزة والمنعة؛ قال تعالى: "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا"[نوح: 10- 12].
- في الإيمان رحمةٌ بالعباد، وفي الاستغفار بركات الدين والدنيا، وفي الحديث الذي رواه ابن ماجه في سننه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب» (سنن ابن ماجه» ج2/1254، رقم (3819) ورواه «أبو داود» (1518) والإمام أحمد في «المسند» 1/248.
أركان التوبة
ليس من شرط التوبة أن يقول العبد بلسانه ((أستغفر الله)) بل إن اجتمعت الشروط اللازمة المتقدم ذكرها بالقلب كفى ذلك لصحة التوبة، ولكن قول ((أستغفر الله)) حسنٌ والإكثار منه جيدٌ وفيه ثوابٌ وأجرٌ للمؤمن إن قاله مُخلصًا لله تعالى. (المصدر).
- الأمر الأول: الإقلاع من الذنوب وتركها طاعة لله وتعظيمًا له.
- الأمر الثاني: الندم على ما مضى منها، الأسف والحزن على ما مضى منها.
- الأمر الثالث: العزيمة الصادقة ألا يعود فيها، فإذا تاب هذه التوبة كفر الله خطاياه مطلقًا كبيرة أو صغيرة.
- الأمر الرابع: إذا كانت المعصية تتعلق بحق المخلوقين فلابد من رد الحق إلى أهله إذا كان دين أو ظلامة يعني أخذ مال لإنسان أو سرقة أو ما أشبه ذلك، لابد من رد المال إلى مستحقه أو تحلله من ذلك.